المستجدات | اتصال | تصميم الموقع | روابط مفيدة
مستجــــــــــــــــدات
28-12-2011 : كلمة السيد الرئيس حول اليوم التحسيسي بدعاوى ثبوت الزوجية
 

أيها الحضور الكريم:

إن مدونة الأسرة هي عبارة عن عصارة لتجربة مغربية محضة أسست لاجتهاد كل مكونات المجتمع المغربي في هذا الميدان من قضاة و محامـين و فقهاء و رجال القانون و نسائه و جمعيات المجتمع المدني بكل أطيافه و ألوانه.

هي مدونة انبثقت بعد نقاش مستفيض أفضى إلى توافق الجميع على موادها الأربعمائة، فدخلت حيز التطبيق منذ 05 فبراير 2004، فكانت بحق عبارة عن سبق تشريعي على صعيد الدول الإسلامية بفضل حمولة أحكامها و قواعـدها المسايـرة و المواكبة لتطور المجتمع المغربي بما يتناسب و محيطه الدولي دون المساس بالمرجعية الدينية و المذهبية. و من تم فلا غرابة أن تكون هذه المدونة مرجعا يحتدى به في عدة دول. و محل إشادة و تنويه في المحافل و الملتقيات العلمية.

لكننا كممارسين لمقتضياتها وجدنا أنفسنا أمام معضلة تتجلى في عدم التزام البعض ببنودها، و خاصة فيما يتعلق بزواج القاصرات أو التعدد. و كذا إشكالية عدم توثيق الزواج نفسه و إن كان بين الرشداء.

أيها السادة:

من خلال التتبع اليومي للقضايا المعروضة على أنظار المحكمة الابتدائية ببني ملال لاحظنا أن هناك أسبابا تحول دون توثيق عقود الزواج طبقا للقانون يمكن تلخيصها فيما يلي:

- انقطاع الفتيات عن الدراسة في سن مبكرة سواء في القرى و الأرياف او حتى في المدن يدفع أولياءهن إلى تزويجهن بالفاتحة و قبل سن الرشد القانوني المحدد في 18 سنة.

- وجود عادات راسخة لدى بعض الأسر تسمح لها بتزويج بناتها القاصرات لحمايتهن من الوقوع في براثن الفساد أو الرذيلة، أو نتيجــة أوضـاع اقتصاديـة أو اجتماعية صعبة.

- بعد المدارس و الإعداديات عن ساكنة المناطق الجبلية يؤدي إلى الانقطاع عن الدراسة مبكرا، فيبقى الزواج هو الخلاص الوحيد للقاصرات.

- عدم استجابة القضاء لطلبات الإذن بتزويج من هن دون سن الرشـــد القانوني أو رفض طلبات التعدد يفضي إلى المضي قدما في الزواج بالفاتحة دون توثيقه.

- عدم توفر بعض الأشخاص الراغبين في الزواج على الوثائق اللازمة كأن يكون المرء غير مسجل بالحالة المدنية و غير متوفر على بطاقة التعريف الوطنية.

تلكم بعض الأسباب التي تحول دون توثيق الزيجات في إبانها، و عدم التوثيق هذا تنجم عنه آثار وخيمة على الأفراد و الأسر سواء في حياتهم العاديــة أو المهنية، نذكر منها ما يلي:

- زواج غير موثق لا يعترف به من طرف السلطات الإدارية أو القضائية سواء داخل المغرب أو خارجه.

- زواج غير موثق يؤدي إلى أبناء بدون هوية، إذ لا يمكن التصريح بالولادة لدى ضابط الحالة المدنية دون تعزيز هذا التصريح بشهادة يسلمها الطــبيب المولــد أو السلطة المحلية و بنسخة من عقد الزواج عملا بأحكام المادة 17 من مرسوم 09/10/2002 لتطبيق القانون رقم 99/37 المتعلق بالحالة المدنية.

- عدم تسجيل الأبناء بسجلات الحالة المدنية يفـضي إلى حرمانـهم مـن التمدرس و اجتياز الامتحانات الدراسية أو المهنية، و يحرمهم من الحصول على البطاقة الوطنية و جواز السفر و الحج إلى الديار المقدسة عند الاقتضاء.

- زواج غير موثق يؤدي إلى حرمان العامل سواء في القطاع الخاص أو العام من الاستفادة من التعويضات العائلية، و يحرم زوجته و أبناءه من التغطية الصحية.

- زواج غير موثق لا يضمن الحقوق في النسب و الإرث، بل يشكل في حد ذاته منازعة في وجود هذه الزوجية نفسها فأحرى المطالبة بالطلاق أو التطليـق و النفقة و الحضانة و تسجيل الأبناء.

لذا أيها السادة، فإن ندوة اليوم التي نعقدها باشتراك مع ولاية جهة تادلة ازيلال تروم إلى تحسيس المسؤولين على الشأن المحلي و الفاعلين في هذا الحقل بأهمية توثيق الزيجات، و عبرهم و بواسطتهم تحسيس كل المواطنـين في القــرى و الحواضر، في المدن و المداشر بضرورة تفعيل المادة 16 من مدونة الأسرة آخذين بعين الاعتبار الحيز الزمني الاستثنائي الذي حدده المشرع في أفق مطلع الأسبوع الأول من شهر فبراير 2014 كآخر أجل لتوثيق الزيجات غير الموثقة. و تحسيس ساكنة المنطقة بأهمية و إلزامية الكتابة عند الزواج درء و تلافيا لما يترتب عن انعدامها من عراقيل و صعوبات كان المرء في غنى عنها لو هو عمد إلى توثيق زواجه.

و في هذا الإطار سيتولى ذ/ سعيد الصراخ القاضي بالمحكمة الابتدائية ببني ملال و رئيس هيئة الأحوال الشخصية و المواريث إلقاء عرض يبسط فيه الإجراءات العملية لدعاوى سماع الزوجية، في حين سيلقي ذ/ فاتح كمال نائب وكيل الملك بقسم قضاء الأسرة عرضا حول دور النيابة العامة في دعاوى سماع الزوجية. و الغاية من هذين العرضين هو المساهمة في التعريف بالموضوع، و تمكين الحضور من الإحاطة بالإجراءات و التدابير العملية لتفعيل مقتضيات المادة 16 من المدونة.

هذا و ستتولى كل من الدكتورة ابتسام فهيم و ذة/ بشرى الخضار القاضيتين بنفس المحكمة إعداد تقرير في الموضوع.

ختاما اسمحوا لي أيها السادة و السيدات في نهاية كلمتي هذه أن أتقدم بالشكر الخالص و الامتنان الصادق إلى السيد الوالي و جميع مساعديه على الدعــم و المساندة التي لقيناها منهم. كما أتقدم بالشكر الجزيل لكافة الحضور على تحمله مشاق التنقل للإسهام في هذه الندوة.

                                   الأستاذ محمد الضاوي

رئيس المحكمة الابتدائية ببني ملال


رجوع



موقع وزارة العدل
المستجدات | اتصال | تصميم الموقع | روابط مفيدة
© 2010 - Ministère de la Justice - Tribunal de première instance de Beni Mellal